Saturday, March 26, 2016

رب صدفة

من شهر تقريباً كانت سنوية زوج جدتي الله يرحمه، الراجل ده كان من أكتر الشخصيات اللي كنت بتتطلع ليها بإنبهار وإعجاب في الدنيا، لأنه كان شخصية غنية إنسانياً وده مش موجود دلوقتي، وغنية عقلياً، الخلاصة إنه
شخصية لا عمري شفت ولا أعتقد إني هشوف زيها تاني.

صحيح أنا معاصرتوش سنين كتير، بس الفترات القليلة، أو الفرص اللي جاتلي إني أقعد معاه ساهمت بجزء كبير في تكوين جزء من شخصيتي وقناعاتي، كفاية إني أخدت منه أهم نصيحة في حياتي واللي ممكن تكون من أهم أسباب حاجات كتير حلوة موجودة في حياتي دلوقتي، وساهمت كمان في تغيير نظرتي لأحداث كتير مريت بيها بعد كده. النصيحة كانت  (أي حاجة صعبة هتعدي بيها، من أول خناقتك مع صاحبتك لحد فقدانك لحد عزيز عليكي، أو حاجة كانت نفسك فيها ومحصلتش، لو بصيتيلها كويس، هتلاقي إنها زي ما جيابالك هم وحزن جيبالك وراهم، درس هتتعلميه أو خبرة هتكتسبيها، أو حتى سكة جديدة مكنتيش شايفاها ولا بتفكري فيها بس هتنفعك)، يعني الداء هيجيلك ومعاه دوائه
من بعدها حاولت أطبق النصيحة دي على قد ما قدرت، وعمرها ما خيبت معايا صراحة، خلتني مزعلش أوي على حاجات كتير، وأعرف إن فعلاً ممكن من المحن تأتي المنح

توقيت النصيحة كان مضبوط أوي بالنسبالي لأنها جت في فترة الجامعة وتحديداً في سنة تالتة وكان عندي وقتها  19 سنة ودي الفترة اللي كنت لسه فيها بدور على نفسي وبرتب أولوياتي، وأحاول ألاقي إجابات على أسئلة زي أنا عايزة إيه ومش عايزة إيه، ومين وإزاي وإمتى

قعدتي مع زوج جدتي كانت صدفة، ووجود زوج جدتي في حياتي أصلاً صدفة، شيء كان ممكن ميحصلش، وحتى بعد ما حصل، كان ممكن ما أقابلوش، وحتى لو كنت قابلته كان ممكن ميبقاش في فرصة للكلام، أو إني أنا اللي أسمع النصيحة دي بالذات في الوقت ده، سلسلة من الصدف كلها مربوطة ببعض زي حاجات كتير في حياتنا بتحصل بنفس الطريقة

 حاجات ببتخبط فيك وإنت ماشي في السكة عشان تفوقك، أو تساعدك وتوجهك، ساعات بنسميها رسايل أو إشارات بتنور في طريقك فجأة، كتير مننا مبيهتمش بيها أو بيستهيفها مع إن دي اللي ممكن توصلك للي إنت عايزه أو تعرفك اللي إنت محتاج تعرفه

الصدفة فرصة وسكة جديدة بتتفتحلك،  كام مرة بتحصلنا حاجة مش مترتبة، سفرية  جاتلك فجأة، مكالمة من شخص مش متوقع، مشوار إتدبست فيه على غفلة، أو حتى معرفة شخص، وبتبقى الصدفة دي سبب في تغيير مجرى حياتنا  كلها

أنا شخصياً، أعز أصحاب ليا معرفتي بيهم كانت صدفة، وشغلي اللي أنا فيه حالياً كمان جالي صدفة،  وأكبر درس إتعلمته في حياتي كان من موقف حصل صدفة، عشان كده صدق اللي قبلنا لما قالوا (رب صدفة خير من ألف ميعاد).

Monday, March 14, 2016

داهية لا تكون دي أحلى سنين عمرنا

زمان كنت فاكرة إن سن العشرينات ده هو الجولدن إيدج وكنت بحلم أوصله، من كتر ما بسمع إنه دي أحلى سنين العمر، وإزاي مش أحلى سن وهو السن اللي هتتحقق فيه أهم الأحلام اللي الواحد كان بيحلم بيها من وهوعيل عنده خمس سنين كده، هتخلص  دراسة ومش هتمتحن ولا تذاكر تاني، واللي بيحلم بالإستقلال والمستقبل هيخلص دراسته ويشتغل وهيبطل يعتمد على أهله، واللي بيحلم بالصداقة هيبقى عنده أصحاب وعزوة كبيرة من الجامعة، وهيخرج ويروح وييجي ويسافر مع صحابه بقى، واللي بيحبوا
بعض ونفسهم يجوزوا، بتبقى دايما الجملة اللي بيصبروا بيها نفسهم وبيصبروا بيها بعض هنتجوز لما نتخرج.

بعدين بنتخرج من الجامعة، وبتاخد قفا معتبر من اللي بيطرقعوا دول
الشغل مبيجيلكش أول ما تتخرج ولا حاجة، وحتى ساعات مبتعرفش إنت اللي تروحله، وبيضطر الواحد يشتغل في شغلانة أو اتنين على الأقل لا عايزهم ولا حاببهم بس عشان مفيش غيرهم ولازم يشتغل، ومش دايماً بتعرف تتخلص من إعتمادك على أهلك، بالعكس ساعات إعتمادك عليهم بيزيد بعد ما بتشتغل لأن متطلباتك بتزيد ومرتبك ميجيبش ربعها.
بالنسبة لأصحاب الجامعة، ففي جزء كبير منهم بتكتشف إنهم أصحاب مرحلة، فعلاقتك بتنتهي بيهم أوتوماتيك  بإنتهاء المرحلة والمكان اللي كان بيجمعكوا، والجزء اللي مش كبير اللي فاضل ده، نصه هتلاقي أولوياتهم إتغيرت أو بقوا عايزين يبدأوا بداية جديدة مع ناس جديدة ميعرفوهمش، فبيبدأوا ينسحبوا من حياتك ببطء وبالتدريج ممكن مرحلة الانسحاب دي تقعدلها سنتين تلاتة مثلاً، وبيعملوها بالتدريج عشان لو جيت في نص السكة قولتهم إنتوا فين مبقيتوش موجودين، يقولولك إحنا أهو يا عم مالك، بس بيبقى المقياس لما بتيجي تشوف مكانك كان فين عندهم من سنة فاتت وتقارنه بمكانك في حياتهم دلوقتي هتعرف إنكوا مبيقتوش ولا هتبقوا زي الأول.

أما بقى اللي كانوا مخططين بالجواز فدول اللي بيرموا نفسهم في التهلكة حرفياً، لما بيكتشفوا إن تكلفة الجواز في مصر من التلات حاجات اللي بيزيدوا في مصر (التحرش، فيروس سي، والأسعار)، وإن الولد أو البنت على الأقل لازم يطلع عينه سنتنين تلانة، مع مساعدة الأهل عشان يعرف يجوز، ولو مفيش مساعدة أهل الموضوع ممكن ياخدله مش أقل من خمس أو سبع سنين على حسب الإمكانيات، طبعاً ده فير المسئوليات الكتير اللي بيتفجئوا بيها بعد الجواز، بس دي مش موضوعنا دلوقتي.

زمان ضحكوا علينا عشان يصبرونا_أو إحنا اللي ضحكنا على نفسنا_، لما قررنا إن الكام سنة دول بس أحلى سنين العمر، وإن الإحلام هتتحقق فيهم لوحدها، ظلمنا نفسنا لما زنقنا نفسنا في كام سنة إن دول اللي لازم نتبسط فيهم، ظلمنا نفسنا لما علينا بسقف توقعات خيالي لا يمكن يتحقق في الواقع اللي إحنا عايشين فيه، ظلمنا نفسنا كمان لما خلينا المقياس سعادتنا حاجات زي (الشغل، الجواز، الصحاب) وبس، وظلمنا نفسنا أكتر لما قارننا بين عشريناتنا وعشرينات أهالينا، الزمن مش هو الزمن، لو العشرينات هتبقى جولدن إيدج فهيبقى لسبب واحد، هي إنها الوقت اللي بتعرف فيه العالم بشكله الحقيقي لوحدك، وبس.

Friday, March 4, 2016

عزيزتي مرام

شكك البعض في قواكي العقلية عاماً تلو الآخر، بتلك الرسائل التي ترسلينها لنفسك في عيد مولدك، وسيسخر منكي البعض على إحتفالك الضخم بتلك المناسبة التي يعتبرها الكثير عادية، و يتجاهلها البعض الآخر، ربما خوفاً من التقدم بالعمر، أو محاولة للهروب من عدم تحقيق أي إنجاز يذكر على مدار العام المنقضي
 أحياناً نكون أكثر قسوة على أنفسنا من أعدائنا، لأننا نضغط على نقاط الضعف التي لا يعرفها غيرنا
بإتمامي الثالثة والعشرين، سأكون قد حققت عدداً لا بأس به من الإنجازات، أهمهم هو صمودي لعام آخر في ذلك العالم، ومازالت الرغبة في الحياة تملأني رغم كل ما عشت ورأيت.
 سؤال يلح علي بإستمرار، هل أنا سعيدة؟
لا، لا أعتقد ذلك، لكنني لا أسعى للسعادة، فهي لم تكن أبداً مرامي، بل الأمان هوما  أسعى  إليه وأبحث عنه في كل مكان وكل شخص أقابله، ولم أجده بعد، لكن لدي يقين بأنه هو من سيبحث عني ويجدني، لأنني أستحقه.
أعتقد بأنني قوية، بل أنا قوية بالفعل. فمن كانت له مثل حياتي، ومازال متمسك بالحياة، لابد وأن يكون قوياً بل وخارق القوى ايضاً. ولكن كوني أنعت نفسي بالقوة لا ينفي نقاط ضعفي الواضحة،  أينعم هي ليست بالعديدة، لكنها نقاط ضعف قاتلة.

أتسائل أحياناً، لماذا أحب الناس رغم ما رأيت منهم، هل لأنني أسعى للأمان من خلال وجودي بينهم؟، أم لأنهم مصدر من مصادر
قوتي؟.

لكن الحقيقية هي أنني كلما رأيت الناس أكثر، كلما أحببت نفسي أكثر.
لا تسيء فهمي، أنا لا أدعي أنني أفضل من أحد، بل الجميع أفضل مني، لكن ما عنيته أن الحياة علمتني أن من لم يحب نفسه لن يستطيع أن يحب أحداً، ولا أن يحيا من الأساس، ولو ظلمت نفسك فستظلم كل من حولك بدون أن تشعر.
عزيزتي مرام، أنتي أوفر حظاً من كثيرين لم يمهملم القدر ليعيشوا حتى هذا العمر في بلدك، التي هي مقبرة كبيرة للشباب.

دعي من وما مضى للماضي، وأمضي أنتي لرحلتك، فمازال هنالك الكثير بإنتظارك
لا تخافي أبداً، الخوف سيقيدك وأنتي تكرهين القيود، أعلم أنك لا تستطيعين التخلص مع بعض المخاوف وأنها تكبر معكي كل عام، لكنكي تحيينها معكي وتغذيها، لذلك حان الوقت لقتلها والمضي قدماً بحرية.
وتذكري دوماً أنه لولا "القبح" ما قدرنا "الجمال"، فكوني ممتنة لكل قبح مر بك في تلك الدنيا، لأنه أتاح لكي الفرصة لتري الجمال
في كل ما حولك.

لا تعلقي آمالك  أو تربطي سعادتك بأحد كي لا تصابي بالإحباط وخيبة الأمل، ولا تنتظري من الناس أن يعطوكي ما لم تعطه انتي 
لنفسك، ولا تبخسي نفسك أي من حقوقها لأن الجميع سيمر في حياتك ويرحل، ووحدها فقط التي ستظل ولن تفارقك إلا بالموت
ولا تنسي أبداً أن كل شيء في الحياة قابل للنقاش والتغيير إلا وجودك انتي، فذلك هو  رأسمالك الأوحد
كل عام وأنتي مرام.