Sunday, December 17, 2017

لماذا أحببت الوحدة ؟


عنوان غريب، لم يخطر ببالي قط أنني سأكتب يوماً ما عن مدح الوحدة
أنا المحاطة دوماً بزحام من بشر، أحداث، أفكار ومفاجآت تجعل حياتي شبيهة بأفلام الحركة الأمريكية، إيقاعها سريع وأحداثها غير متوقعة. 
لأسباب لا مجال ولا طاقة لي لسردها، أصبحت وحدي.
لا أعلم حقاً هل أٌجُبرت على ذلك أم كان إختياري، لكن ما أعرفه  هو أن الظروف دفعتني لذلك وأنني إستسلمت لها دون أدنى مقاومة.

قبل أن أسرد أسبابي لحب الوحدة، أريد فقط أن أعيد تعريف معنى الوحدة من وجهة نظري . الوحدة ليست أن تكون في مكان معزولٍ عن أي إتصال بالعالم الخارجي ومن فيه.

بل على العكس، يمكنك أن تكون المحرك الأول للأحداث من حولك  ومركز إهتمام الجميع ومحط أنظارهم  ومع ذلك  تشعر أنك وحيداً، لأنك لا تقوى على البوح بما تشعر به حقاً، على مشاركة ضعفك وخوفك، عن التذمر والشكوى من ما يستحق أو ما لا يستحق،  على مشاركة ما تحلم به، أو ما يشعر به قلبك، وما يمس روحك ويوجعها.

تقوقع داخل ذاتك، ليدور عالمك حولك فقط. تصبح أنت مركز العالم وعاصمته  وحدوده
لو لم أسيطر على نفسي في تلك اللحظة قد لا أتوقف عن الكتابة عن تعريفي للوحدة، لكنني سأرغم نفسي عن التوقف الآن والعودة
للسؤال الذي  قررت أن أكتب من أجله.

   
لماذا أحببت الوحدة؟

أتاحت لي الوحدة أن أرى كل شيء حولي  بهدوء، بدون ضجيج، مؤثرات أو ضغوط خارجية أو آراء
أن أرى جميع من حولي على هيئتهم الحقيقية، بدون أقنعة تخفي نوايا أنفسهم 
قرأت يوماً أنك كي ترى أي عمل فني كلوحة أو صورة  أو عمل نحتي بشكل أفضل لابد وأن تبتعد عنه كي تلتقط عيناك جميع التفاصل بشكل أشمل لأنك كلما إقتربت ستتوه عنك بعض التفاصيل لصالح أخرى، لأن العين البشرية لا ترى أكثر من زاوية في وقتٍ واحد، هذا بالضبط ما أتاحته لي الوحدة. رأيت حياتي بما ومن فيها بشكل أشمل لم تكن لتتاح لي الفرصة أن أراه وأنا داخل عالمي
رأيت أحزاني، مخاوفي، ضعفي، إحباطاتي، ومن كان سبباً فيها، رأيتهم جميعاً . أصغر مما بدوا عندما هاجموني. لأنني أنظر من بعيد أرى كل شيء أصغر مما رأيته قبلاً.
صادقت نفسي أكثر من أي وقت مضى ، ربما لأنه لم يكن لي سواها، هي أيضاً الرفيق الوحيد الذي لن يرحل عني في تلك الدنيا حيث الكل راحل.
ولأن صديقك من صدقك، كنت صادقة مع نفسي في كل شيء،لأ
نني إذا لم أُصُدقها لن أُصُدق أحداً
أحسست بكل ما منعني الزحام أن أشعر به، أحسست بكل شيء حد الإمتلاء
 يمتن الإنسان  لمن شاركه أو ساعده في عبور محنة
، أو موقف صعب. ويشعر بالأمان لوجود هذا الشخص في حياته، فمابالك إذا كان هذا الشخص هو انت
أنت من يشعرك بالأمان ومن تشعر نحوه بالأمتنان، أنت بطل حياتك،  ياله من إنتصار !

وانت وحيد لا تهاب شيء ولا يوجد لديك ما تخسره، أكبر كوابيس الإنسان هو أن يبقى وحيداً، وها انت ذا إجتزت الكابوس، فما لديك لتخاف منه  الآن؟!

أحببت الوحدة لأنني من خلالها عرفت نفسي، ورأيت العالم بمنظور جديد هاديء، شامل وحقيقي، أحببت الوحدة لأنها أتاحت لي الفرصة كي أعثر على كل ما ومن تاه مني وسط زحام حياتي وأن أجد إجابات لأسئلة كثيرة ظللت لأعوام أفتش عنها، جعلتني الوحدة أعيد التقييم لكل ما هو نفيس وما هو وضيع في عالمي.

تحتاج من وقت لآخر أن تكون وحيداً لترتب أولوياتك وتعرف ما ومن تريد حقاً في حياتك، وترى ما يمكن للعالم أن يقدمه لك، لن تستطيع روية أي من ذلك إلا وانت وحدك.


لذلك أحببت الوحدة!

Sunday, September 24, 2017

لا أنام

جافى النوم عيني، ذهب منها ولم يعد
أخدع نفسي بإنشغالي بالبحث عن أسباب، بينما أنا وحدي من يملك السبب

هرب النوم من عيني مثلما هربت أحلامي
بل ربما سُرق النوم
سُرق بمعاونتي
والسارق مخاوفي
ربما لم يهرب النوم بل أنا من هربت منه
لم أهرب من النوم فقط بل من الحياة بأكملها
أو أن الحياة هي التي هربت مني
تسللت رغماً عني ببطء  ولم أشعر بها
وحتى عندما شعرت لم أكن أملك الشجاعة الكافية للدفاع عنها
تواطئت مع من سرق روحي
ربما ساعدته أيضاً ولم أساعد نفسي
أعتقد أن الخطيئة الكبرى هي أن تكون جباناً
فالجبان لا يدافع عن حقه، حلمه، أو حتى نفسه

ا
الخوف يظهر أردأ نسخة منكومن معاني كلمة رديء في المعجم (سيء، غير محكم، لا جمال فيه) 
 
لذا فالجبناء لا يستحقون الحلم ، ولا النوم ! 

Saturday, March 18, 2017

للكذب أيضاً ألوان

كذب علي صديق عزيز في موقف لم يستدع ذلك، لم أقم بإخباره حينها بأنني عرفت

جلست أفكر لأيام لماذا قد يكذب في موقف عابرلا يتطلب ذلك، بينما الحقيقة هي الطريق الأسهل والأبسط على كلانا، لماذا غامر بمحبتي وثقتي به مستقبلاً، من أجل موقف لا يستحق، فكرت أنه ربما أنا من دفعه إلى القيام بذلك  بالضغط عليه دون أن أشعر، تزاحمت الأسئلة في رأسي، وإحتجت إلى أن أعيد صياغة أفكاري وأسأل ما الذي قد يدفعنا إلى الكذب في المطلق؟

وجدت أن للكذب ألوان مختلفة كألوان الطيف كل لون يعبرعن سبب أو دافع


نكذب لنخفي حقيقية ما أياً كانت صورتها (شعور، موقف، كلمة، شخص، فكرة، ذكرى)، لنحمي أنفسنا من خسائر قد تلحق بنا في حال التصريح بالحقيقة، ونظن حينها أن الأفضل لتلك الحقيقية أن يتم إخفائها، لكن ما هذا إلا ضيق أفق لأن حينها لا يخفي الكذب الحقيقية أو يمحوها بل فقط يؤجل ويصُعب لحظة إكتشافها.

نضطر إلى الكذب أحياناً لنصلح أو نعُدل موقفنا في حال تعرضنا لهجوم، أو لتخطي حدث أو وضع سيء علقنا به، أو دفعنا إليه أحدهم رغماً عن إرادتنا، يكون هذا الإصلاح يكون لحظياً فقط لينتهي بدفاعنا عن أنفسنا ومن ثم إنتهاء الموقف، ولكنه لا يمنع تكرار حدوثه مستقبلاً.

الخوف هو جزء أصيل في طبيعتنا البشرية، نخاف من كل مجهول عنّا، يدفعنا الخوف إلى الهروب والكذب ما هو إلا هروب من كل حقيقة في حياتنا، يأخذ الخوف أحياناً أشكال أخرى، قد يكون دافع الخوف قلة ثقة في النفس، أو غياب القدرة على مواجهة الرفض أو عدم تقبل الآخر لما نحن عليه، نفتقد الأمان فنخاف فنكذب.

نكذب أحياناً تحت شعار الحب، في سبيل أن نرضي من نحب، نُسمعه ما يحب أن يسمع ونريه ما يتمنى فقط أن يرى، أو لنحافظ على حب غير مُقدر له أن يستمر لأن الأساس الذي قام عليه هو الخداع، وما بني على باطل فلن يصلح أبداً.

إذا كانت غايتك الإنتقام فوسيللتك الأمثل هي قلب الحقائق حتى تجعلها جميعاً في خدمة هدفك، قرأت يوماً أن الإنتقام ناراً وما لتلك النار من وقود إلا االكذب

نكذب لنحمي أنفسنا أحياناً، نكذب لأننا نخشى أن نظهر حقيقة ما نحن عليه وما نشعر به ونفكر فيه
نكذب لأننا لم نؤمن بأنفسنا بالشكل الكافي الذي يؤهلنا لمواجهة العالم، أو لخوفنا على أفكارنا أو مشاعرنا

يسوقنا الجهل أحيانا إلى الكذب، لأننا لا نعرف الحقيقية ولم نكلف أنفسنا عناء البحث نلجأ إلى الحل الأسهل وهو الكذب، وقد الذي قد يكزن من خلال حكم سريع  ظالم، أو إنحياز ظالم (تحيز جائر)

يدفعنا الطمع أيضا إلى الكذب، في إمتلاك ما ليس لنا، أو في أن نكون ما لسنا عليه، فنكذب حتى نحقق المكسب السريع بدون جهد، ولكن ما يأتي بسرعة حتماً سيرحل بسرعة
 نكذب لنخفي الفجوة بين ما أردنا أن نكون عليه وبين ما نحن عليه فعلاً، أو لنخلق عالماً يشبه ما حلمنا به ولم نجده أو فشلنا في الوصول إليه.

هناك دوافع وأسباب أخرى للكذب لكن ربما لم أختبرها بعد، الكذب هو فعل مذموم في كل معتقد دنيوي وسماوي، لكنه خطيئة نفعلها يومياً ولن نتوقف عن فعلها طالما وجد البشر على الأرض ولكن على قدر بساطة إرتكابها على قدر عظم إثرها، خطره في أن تعتاده فبذلك تكون إعتدت الزيف،  وتكون كمن مر في الحياة دون أن يعيشها.

تذكر أن الكذب ما هو إلا حبل، متى بدا بالإلتفاف سيلتف حول أقرب عنق له وهو عنقك أنت!