Saturday, August 20, 2016

وخواتيم أعمالكم

من أفضل النصائح التي أهدتها لي أمي الجميلة كانت أن أنتظر النهايات، وألا أدع أحكام البدايات تسيطرعلي فهي دوماً خادعة لكونها مكسوة بحماس وبرائة وأحياناً بعض المثالية والمبالغة.

يظن البعض أنه البداية هي ضمان الوصول، سمعت يوماً قصة عن طالبين بالثانوية العامة حصل أحدهما على مجموع يؤهله للإلتحاق بكلية الطب، بينما مجموع الآخر أهله للإلتحاق بكلية التجارة، سخر الأول من الثاني وقال له بأنه ضمن مستقبل ناجح لأنه سيصبح طبيباً، بينما صديقه لن يكون له أي مستقبل مميز، تفرق الصديقان وجمعهما القدر بعد مرورعشر سنوات حيث طالب الطب مازال طالباً لرسوبه ثلاث أعوام في الدراسة، وطالب التجارة يتقدم بخطى ثابته في حياته المهنية  حيث بدأ بإنشاء شركته الخاصة.

زميل لدي بعملي الأسبق، كان في بداياته يرتكب العديد من الأخطاء الكارثية، حتى أن مديرنا المباشر كان يسخر منه ومن قدراته العقلية، هذا الزميل الآن هو رئيس القسم الذي عملنا به سوياً، ومديرنا السابق تم فصله من العمل منذ عدة أشهر.

إذا نظرت إلى من أين بدأوا، لكان من الصعب تخيل إلى ماذا سينتهوا.
ملايين قصص الحب على مدار الأعوام بدأت بدايات أسطورية كما الأفلام السينمائية، وكانت مثار إعجاب بل وحقد الكثيرين، ولكن كما كانت البداية مبهرة كما كانت النهاية مفجعة، الأمر ذاته يسري على علاقات الصداقة فكم من مرة رأيت صديقان حتى ظننت أنهما لن يفترقا أبداً، وتضرب بهما الأمثال في قوة ومتانة وحميمية علاقتهما، ورأيت ذات الصداقة وهي تنهار مع أول إختبار حقيقي، ليعودا كما بدأا من البداية أغراب.

البدايات خادعة لأنها لا تظهر الحقيقية كاملة، فالبدايات إما مبهرة أو محبطة ولكنها ليست أبداً مؤشر على النهاية، لذا لا تدع سحر البدايات يصيبك. وكما تقول لي دائماً أمي الحكيمة (إنتظري ولا تحزني، فالعبرة دوماً بالخواتيم).